Sonntag, 28. Dezember 2008

فن الهمبكة وفنون أخرى



على خلفية أحداث اجتياح غزة تكلم الجميع فشتم من شتم و مدح من مدح و نعى وشكر وهجا وبكى وشمت.. لن أضيف كثيرًا لو تكلمت عن الأسباب والتداعيات للأحداث.. لكني أود فقط أن اتحدث عن فن الهمبكة في الثقافة العربية.
لكن الأمر بدا لي وكأنه حدث سعيد للجميع..باستثناء مصر.
فإسرائيل تحقق أهدافها اي ما كانت. وحماس تغتنم الفرصة لاكتساب جاذبية كمنظمة مناضلة مرة أخرى بعد أن كانت قد فقدتها وفقدت معها مصداقيتها في الآونة الأخيرة بل وفقدت تعاطف الكثيرين من العرب والفلسطينيين الذين رأوا في عهد حماس الحصار والتجويع والانشقاق. أما فتح فقد وجدت كذلك الفرصة لإثبات سوء اختيار الشعب الفلسطيني في الانتخابات الأخيرة لحماس كحكومة. وبدا الأمر كله من وجهة نظر فتح مسئولية الصلف والعنجهية وافتقار حماس إلى الحنكة السياسية. لم تكن فتح لتجد أفضل من هذه الأحداث كدعاية انتخابية للانتخابات القادمة.
أما دول مثل سوريا واليمن والسودان وليبيا التي أدمنت واحترفت جميعها فن الهمبكة منذ عقود فقد وجدت الفرصة في أحداث غزة لممارسة المزيد من الهمبكة.. فهي فرصة لإثبات عمالة وخيانة غيرها من الدول وإثبات أنهم هم فقط المناضلين في الأمة العربية... فليس أسهل من ضرب النار في الهواء في أحد الأفراح لكي يشعر المرء أنه محارب عظيم!!!
أما الأردن والسعودية وربما الكويت فقد حرصوا على إمساك العصا من المنتصف.. فهم في صف المناضلين من الدول العربية وضد الصمت والتواطؤ العربي بينما يصعب عليهم الهمبكة المباشرة لأنها ستظهرهما بشكل مريب فيما يتعلق بعلاقتهم سواء بمصر أو أمريكا أو حتى إسرائيل.
أما دول المغرب العربي فقد كانت واضحة فالأنظمة هناك امتنعت عن أخذ مواقف متطرفة لكنها سمحت لشعوبها بالتنفيث،،، وهم فيما يبدو قد اعتادوا مشاهدة أخبار المشرق العربي في الفضائيات والتعاطف معها.
بقيت قطر... لدي شعور قوي منذ فترة طويلة بأن هناك ترتيبًا دوليًا يجري منذ فترة لقلب موازين القوة في العالم العربي. فقطر تطمح إلى نيل لقب قلب الأمة النابض وحضن العرب وكل هذه القائمة من الألقاب التي اعتاد العرب منذ عقود طويلة دغدغة مشاعر المصريين بها. فستصبح قطر يومًا ما هي محرك النضال العربي وأم العرب الشقيقة الكبرى إلخ. ولا يمكن لقطر تحقيق ذلك بدون مساعدة قوى دولية كأمريكا وأوروبا، فباتت منذ فترة غير قصيرة كل محاولا ت قطر في الوساطة لحل النزاعات مباركة من هذه القوى... وأصبحت قطر وجهة رئيسية لمؤتمرات دولية واتفاقيات صلح ووساطة وغيرها. ولذلك لا أستبعد بالمرة إمكانية الربط بين زيارة تسيبي ليفني لمصر عشية ضرب غزة وبين تحركات قطر المحمومة لنجدة الفلسطينيين وإظهار الموقف المصري بشكل سيء. فمن ناحية استطاعت إسرائيل وربما بتخطيط مشترك مع أمريكا وببعض الخيال رما قطر.. استطاعت أن تظهر النظام المصري كأنه عميل ومتواطئ بينا أسهم تحرك قطر الحماسي والسريع بعد بدء الغزوات في إيجاد البديل العربي الاستراتيجي لمصر. فقطر استطاعت بذلك وبمساعدة الزيارة الماكرة لليفني من اصطياد عصفورين بحجر واحد.. توجيه ضربة قاضية لمصر كدولة محورية من جهة والقيام بهذا الدور من جهة أخرى. فباتت قطر الدولة الوحيدة في المنطقة التي باستطاعتها التأثير العاطفي في العرب دون أن تفقد علاقتها المتميزة مع أمريكا و إسرائيل.

ملاحظات...
1. حين أتحدث عن دول أقصد الأنظمة وليس الشعوب
2. أستبعدت نظرية عمالة النظام المصري ليس لأني مصري ولا لخوفي من النظام بل لأنه ليس هناك عميل غبي لدرجة أن يكشف نفسه بالشكل الذي تريد حماس تصوير النظام المصري به، فالعميل كان يجدر به إخفاء صلته ومعرفته بأمر الضربات.

Mittwoch, 3. Dezember 2008

أنا غلطان



تذكرت مشهد من فيلم لعادل إمام يقف فيه عادل إمام خلف يسرا في الأتوبيس المزدحم ويتصور أحد الركاب أنه يتحرش بها جاهلاً أنها زوجته، فتأخذه النخوة وينهر عادل إمام ثم يفاجأ برد فعل يسرا التي توبخ الرجل وتتساءل عما اقترفه عادل إمام الذي يقف بأدبه، فما يكون من الرجل إلا أن يشد في شعره من الغيظ والدهشة صارخًا: أنا غلطان.. أنا غلطان.

هذا تمامًا ما حدث لي مؤخرًا. فقد تقمصت أنا شخصية الراكب الغيور، الذي يجهل بواطن الأمور.

أما الشرطة فقد أثبتت أنها رشيدة حكيمة تعلم الصالح لهذا الشعب، وما كان عدم اهتمامها بمشاجرة بين بعض البلطجية تقاعسًا، بل كان إدراكًا من هذا الجهاز الحكيم بأبعاد الموقف، وإيمانًا منه بأن مصارين البطن بتتعارك، وهكذا أعطت الحكومة ممثلة في الشرطة مثلاً يحتذى به في النأي بالذات عن أن يدخل الإنسان بين البصلة وقشرتها.

للأسف لم أدرك ذلك إلا مؤخرًا حيث نما إلى علمي (توافقًا مع المصطلحات الأمنية) من مصادر رفيعة المستوى في القهوة التي شهدت منذ قرابة الأسبوعين الحادثة الذكورة، أنه تمت رؤية الجناة بصحبة المجني عليه في جلسة ودية سادها جو من الألفة و العتاب المعتاد بين الأصدقاء. وعادت المياه إلى مجاريها وسعد الجميع وعاشوا في تبات و نبات وخلف من عاش منهم بدون طعنات بلطجية صغيرين وبلطجيات.

وبما ان الاعتراف بالجهل والخطأ فضيلة فأعترف أني غلطان في حق البلطجية والشرطة على السواء.

Freitag, 21. November 2008

الشرطة في خدمة العملاء*


المشهد الأول
ليل خارجي (الساعة 11 مساءًا تقريبًا)
مقهى شعبي في منطقة شعبية.
بينما انهمك زبائن المقهى كل في شأنه إذا بصوت شجار يتعالى بجوار المقهى. تتصاعد حدة الشجار بشكل ملحوظ مما يجذب انتباه المارة بالشارع و الزبائن الجالسين في المقهى.
من بين المتفرجين تتوالى الإيضاحات أن الشجار بين مجموعة من الشباب الذين اشتهروا بالمنطقة بالتعامل في السرقات والمخدرات.
يقترب الجميع من مسرح الشجار ليتبين للجميع أن الشجار ليس عادلاُ بالمرة، فأكثر من شاب مسلح بالمطاوي وغيرها من الأسلحة (البيضاء) يحاصرون شابًا واحدًا أعزل كما يبدو.
تتعدى تفاصيل الشجار مجرد الإرهاب والردع بالسباب الشعبي المعتاد في مثل هذه المواقف (والذي يتركز عادة حول مناداة الآخر بجزء من أمه أو بوصف أمه بأقظع الصفات) و يتطور الشجار إلى رسم خرائط بالأسلحة فوق وجه وجسد الغريم.
الجميع ممن يشاهدون الشجار سواء من المقهى أو من الطريق أو من نوافذ وبلكونات بيوتهم بدأ يسود لديهم قناعتين.
أولا أن الشجار سوف ينتهي بموت محقق للشاب الأعزل وثانيًا أن الشجار لم يعد ممتعًا ومثيرًا للفضول بل تحول إلى حدث كئيب لما يمكن أن ينتهي إليه.

المشهد الثاني
نفس الموقع والمكان الزمان حوالي 11.15 مساءًا
من بين زبائن المقهى جلس مجموعة من الرجال بين 30 و40 عامًا تقريبًا.
يقودهم الفضول في البداية كغيرهم لمشاهدة ما يحدث.
يشعرون بالاستنكار كغيرهم كذلك مما يحدث
يشعرون كذلك بأن المكان لم يعد يليق بهم (كعادة المتعلمين من الطبقة البرجوازية حينما يختلطون بمشاكل الطبقات الأدنى)
ويراود أحدهم (سأرمز له بالحرفين س. ص. مثلا) الإحساس بالخجل من أنه ظل يشاهد الموقف لمدة طويلة كالآخرين دون أن يحرك ساكنًا.
ينزوي إلى ركن هادئ ويتخذ قراره بالاتصال بالنجدة.
يضغط الازرار 122 في هاتفه المحمول.
فيأتيه على الطرف الآخر صوت موسيقى هادئة لثوان ثم يأتي صوت ذكر شاب
- ألو أيوة يا فندم
- ألو مش دي نمرة بوليس النجدة؟
- ايوة دي نمرة بوليس النجدة. تأمر يا فندم
- في خناقة بجوار المقهى الي أنا قاعد فيه. و الخناقة تستخدم فيها أسلحة بيضاء و يبدو انها ستتطور لقتل
- فين العنوان بالظبط؟
- أنا ماعرفش العنوان بالتفصيل بس هو في...
- طيب اقفل حضرتك و اعرف العنوان و اتصل مرة تانية
- لا هو في شارع أحمد عصمت أمام مدرسة مودرن سكول
- مدرسة مو مو ؟
- مودرن سكول
- ده في مدينة نصر؟
- لا في عين شمس.. أحمد عصمت في عين شمس
- طيب مين حضرتك
- س . ص.
- س. ع؟
- لا س. ص
- اوك يافندم حانبعت حالا سيارة النجدة
- شكرا

تختلط لدى س. ص. المشاعر بين شعور بالفخر لأنه أقدم على عمل إيجابي و بين شعور بالغيظ من طول فترة المكالمة وهدوء المتلقي، وبين شعور بالترقب مما سيحدث خلال دقائق معدودة عند وصول النجدة وشعور بالأمل في ألا يغادر البلطجية قبل وصول الشرطة وغيرها من الأحاسيس. يتخذ مقعده بجوار أصدقائه البرجوازيين في انتظار الشرطة... شرطة النجدة.

المشهد الثالث
نفس الموقع و المكان.
الساعة 12.30 صباحًا
الأصدقاء مازالو في المقهى
البلطجية اقتادوا غريمهم إلى وجهة غير معلومة وعاد الهدوء إلى المنطقة
انهمك الجميع في لعب الورق والطاولة والدومينو وشرب الشيشة و المشروبات الساخنة
يتساءل س.ص. عن الشرطة التي لم تأت و يجيب أحد أصدقاءه البرجوازيين:
هل صدقت حقًا أن أحدًا سيأتي؟

المشهد الرابع
نهار داخلي
منزل س.ص. الساعة 10 صباح اليوم التالي.
يتساءل س. ص. أمام اللاب توب
- يا ترى الولد مات ولا لسة ويا ترى النجدة وصلت ولا لسة؟
----- تمت ------
*ملحوظة:
خدمة العملاء يعني
Customer Service
مش العملاء اللي هما الخونة
...

Dienstag, 18. November 2008

أخبار الحوادث وتفاحة آدم


لسنوات طويلة كانت صفحات الحوادث بالجرائد من أكثر الصفحات التي أحرص على قراءتها بشكل شبه منتظم. ولم تكن الحوادث بالنسبة لي مجرد أخبار تقرأ وتنسى، بل أنني كثيرًا ما قرأت الحوادث وحاولت تحليل محتواها نفسيًا او اجتماعيًا أو حتى سياسيًا. وكثيرًا ما كنت أستمتع بتصنيف الحوادث إلى موضوعات كحوادث العنف ضد المرأة وحوادث الخيانة الزوجية وحوادث القتل و النصب وخلافه. ساعدني على ذلك حرص الكثير من الجرائد على تقديم مائدة متنوعة من الحوادث بشكل يثير لدي في بعض الأحيان الشك في أن بعض الحوادث هي من بنات أفكار المحرر، بل كثيرًا ما اكتشفت أن حادثة ما يعاد نشرها بعد فترة طويلة بنفس التفاصيل أو أن حادثة لا تحتوي سوى على عنوان مثير والباقي مجرد موضوع تعبير بليغ.
أما ما أود هنا الإشارة إليه فهي بعض النقاط التي لفتت نظري موءخرًا وبالتحديد بعد نشر أخبار عن مجموعة الأزواج الذين أنشأوا موقعا لتبادل الزوجات. الموضوع أخذ اهتمامًا كبيرا من بعض الصحف خصوصًا صحف الإثارة و صحف الانترنت. وذكرني هذا الموضوع بموضوع آخر قلما خلت منه صفحات الحوادث بالجرائد المختلفة وهو القضايا التى تشترك فيها زوجة ما في قتل زوجها بالاشتراك مع "عشيقها" بلغة الحوادث.
ففي كلتا الحالتين يبرز دور الجنس إما كموضوع للجريمة أو كدافع لها، وفي كلتا الحالتين يبدو الأمر كاختراق أحد تابوهات (محرمات) المجتمع وليس فقط كاختراق لحقوق شخص المجني عليه (إن وجد). أما النقاط التي دفعتني للكتابة عنها فهي:
1. أن غالبية مرتكبي هذه الجرائم (أو بشكل أدق من تم اتهامهم رسميًا بهذه الجرائم) هم من طبقات متدنية نسبيًا وهذا ما دفعني إلى التساؤل عن مدى ضيق أفق هؤلاء المتهمين ليس لأنهم اقدموا على إتيان تلك الجرائم بل لأنهم توهموا أولاً أن الخلاص من مشكلاتهم الاجتماعية أو العاطفية أو الجنسية يمكن أن يتم بالقتل مثلا أو بالعنف أو بالتهديد ألخ ولم يروا أية حلول أخرى ممكنة في مجتمع بات كل شيء فيه متاحا بمساعدة محام ماهر أو منطق محكم. ولأنهم توهموا ثانيًا أن تخطيطهم الساذج محكم وسديد.
2. أن تناول الصحافة لتلك الموضوعات يتميز بكشف كامل عن أدق تفاصيل شخصيات المتهمين بالأسماء و العناوين و الوظائف و غيرها مما يدفعني إلى التساؤل عما لو كان المتهم من طبقة أعلى ثقافيًا أو اجتماعيا أو ماديًا، فهل كانت الصحافة ستستخدم كافة التفاصيل أم تكتفي بالحروف الأولى أو حتى تتجنب ذلك. لا أقصد بالطبع الشخصيات العامة التي يصعب الإشارة إليها رمزًا لشهرتها الطاغية.
3. يتميز تناول الصحافة لتلك الحوادث كذلك بالإثارة البالغة في تصوير خيوط الجريمة ونوازع الشخصيات وخلافه حتى يخيل إلي أحيانًا أننا بصدد أفلام بوليسية مثيرة تستمد إثارتها أحيانا من الجنس حتى تتحول في بعض الحوادث إلى مايشبه أدب البورنو الشعبي أو الايروتيك على الأقل. وهنا تكمن المشكلة في أن الهدف الرسمي لصفحات الحوادث وهو كما أفهمه التذكير بأن الجريمة لا تفيد يتحول إلى هدف آخر هو الإمتاع. و تتحول الجريمة ذاتها إلى حدث شيق أو حتى مثير و يتحول الجناة أو المتهمون إلى أبطال أشرار لفيلم مثير. وقد لا تقلل الجملة الختامية للخبر من أن المتهمين قد حصلو على حكم كذا أو كذا من إثارة القصة. إذن فالخبر الذي يقدم الحادثة قد يسهم بشكل ما في تسويق الجريمة على أنها شر مثير. فمشاهدة فيلم عن الأشرار لا يعني أنك شرير مثل أبطاله ولكن ذلك لا يعني أنك لم تستمتع بالفيلم.
4. أما النقطة الأخيرة فهي تساؤل هام وهو أن المرأة المتهمة التي قتل رجل من أجلها رجلاً آخر أو التي خانت زوجها مع أخيه أو صديقه أو رئيسه إلخ هذه المرأة كما تصورها الجرائد امرأة فاتنة مثيرة أما كما تظهرها الصور التي تنشرها الجرائد ذاتها فهي غالبا امرأة يبدو عليها الشقاء وقسوة الحياة وخشونتها (ولا أقصد الهم و الغم الناجم عن التقاط الصور بعد إلقاء القبض عليهن أو بعد الاستجوابات العنيفة). فذلك ما يدفعني للتساؤل لما يقتل رجل غريمه من أجل أمرأة بالفعل يمكن أن توصف بالقبح. أو لما يسعى رجل متزوج لممارسة الجنس مع أمرأة قبيحة تاركأ زوجته الأجمل أو مبادلا إياها كما في الحادثة الأخيرة.
الجواب قد يستلزم دراسة اجتماعية ونفسية وجنائية لا أعلم إن كانت تمت أو سوف تتم يوما ما. لكني أستطيع الإدعاء أن هذا المرض مزمن في بني آدم و قد يكون موروثا من آدم نفسه. فمن بين كل شجر الجنة لم يشتهي آدم سوى الشجرة التي حرم الله عليه. رما كان تفاحها أسوأ طعما من بقية تفاح الجنة و لكن الكتب المقدسة لا تخبرنا بذلك. فقط نعلم النتيجة. أن من يفعل أمرا حرمه الله يعاقب. لكن هذا لم يشفي الإنسان من مرضه وهو الرغبة في ما لا يملك خصوصا إن كان مالا يملك ليس مباحًا له.
العهد القديم يحكي كذلك عن النبي (الملك) داوود و كيف أنه اشتهى زوجة (أو جارية) أحد جنوده فما كان منه سوى أنه ضاجعها ثم بعث بزوجها إلى مقدمة الجيش ليموت ومن ثم تزوجها و أنجب منها ابنا مات عقابا له على ذلك ثم أنجب منها لاحقا النبي سليمان. ورغم إنكار التراث الإسلامي لتلك الرواية إلا أن ما يعنيني هنا هو أنها تثبت أن هذا المرض أذلي في الإنسان سواء صدقت القصة و انتسب المرض إلى النبي داوود أو كذبت القصة وانتسب المرض إلى خيال من كتبها.
هل كانت روميو وجوليت محاولة للتسامي بالرغبة في الممنوع؟
هل كان فيلم Rayan's Daughter محاولة شبيهة؟
قد يتطلب الأمر المزيد من تحري الأمثلة في التاريخ والأدب والفن وعلم النفس وقد أحاول تتبع مثل تلك الأمثلة لاحقًا.
أما ما يعنيني هنا فهو أن الرغبة في الممنوع ليست كما بدأت كلامي هنا محصورة في الجنس ولكنها قد تتعداها إلى كل رغبات الإنسان في مالا يملك وفي ما لا ينبغي له أن يملك. هل هذه الرغبة مرض مزمن في الإنسان؟


Samstag, 18. Oktober 2008

عن أبو طارق بتاع الكشري وأوروبا وأمريكا



هذا الموضوع لا يشير مجازًا إلى العلاقة بين المجتمع المصري و الغرب، ولكنه يشير حرفيًا إلى مطعم أبوطارق الشهير للكشري وعلاقته بكل من الإسلوب الأوروبي للخدمة الكاملة بالمطاعم
FULL SERVICE RESTAURANTS والإسلوب الأمريكي لمطاعم الخدمة الذاتية
SELF SERVICE RESTAURANTS.

قد يبدو الموضوع سطحيًا نوعًا ما، لكني أرى أنه يحتوي على غرابة تستحق الحديث عنها. فمطاعم العالم أجمع حسبما اعتقد تتبع إحدى المدرسيتين السابق ذكرهما. مطاعم الوجبات الكلاسيكية غالبًا ما تتبع إسلوب الخدمة الكاملة حيث يجلس الضيف على مائدة وتقدم له خدمة الطعام و الشراب بدءًا من طلب الأصناف إلى تقديمها و حتى دفع الحساب. أما مطاعم الوجبات الخفيفة فغالبًا ما تتبع إسلوب اخدم نفسك بنفسك. للحصول على الوجبة يتوجه الضيف إلى الخزينة و يدفع مقدمًا ثم ينتظر حتى يتم تجهيز وجبته فيستلمها و يبحث لنفسه عن مائدةأو ربما بار أو ما شابهه فيأكل و ينصرف.
أما أبو طارق فهو الوحيد الذي رأيت فيه نظامًا غريبًا هو أن يجلس الضيف على ائدة إن وجد ثم يأتيه النادل فيأخذ رغباته ثم يطلب منه الحساب مقدمًا و أخيرًا يقدم الوجبة.
المشكلة في ذلك بالنسبة لي ليست مجرد مشكلة تصنيف، ولكنها مشكلة إيحاء بعدم الثقة في الزبون. ثم أن هذه الطريقة تبدو غير مشجعة بالمرة لطلب أية طلبات أخرى لاحقا فالامر قد لا يستحق عناء الحساب مرات متعددة كلما رغبت في طلب زجاجة ماء او مياه غازية او حتى طبق كمالة.
الأمر إذن ليس فقط مهين للضيف لكنه كذلك محبط و غير مشجع على الطلبات.
أما ثالث تحفظاتي على هذه الطريقة فهي الحيرة التي أقع فيها عند الحساب. هل ينبغي دفع بقشيش من البداية أم أدفع مؤخرًا أو لا أدفع بالمرة.
الأمر إذن في مجمله غير مشجع على تكرار زيارة محل كل الهدف منه هو حشو المعدة بطعام يوجد مثله في أماكن أخرى لا تعمل ضد مبدأ الاستمتاع بفعل الأكل.


ملحوظة هامة:
لا تربطني أية صلة بمطاعم منافسة لأبو طارق ولا تربطني بأبو طارق نفسه أية مصالح بيزنس أو نسب أو غيره... بخلاف ان حمايا اسمه طارق بس والله باحبه.

ملحوظة 2:
جميع الأسماء التي وردت هي من نسج الواقع ولا تمت لخيال الموءلف بصلة. و أي تشابه في الأسماء او الأماكن هو ليس من قبيل الصدفة.

Samstag, 16. August 2008

أفضل صديق لامرأة


ليس من السهل أبداً أن تكون أفضل صديق لامرأة ما. فمن الصعب جدا التكهن بما يدور في رأسها الصغير من خطط قد تكون أنت نفسك جزءا رئيسيا منها أحيانا و قد لا تلعب فيها سوى دورا هامشيا أحيانا أخرى.
فحين تحتاجك هذه المرأة كصديق لن تقبل ان تتعلل لها بانشغالك بحياتك الخاصة مثلا و إلا كنت كالمستهين بصداقتها و وصِفت صراحة أو تلميحا بأنك أناني تأخذ من علاقة الصداقة تلك أكثر مما تعطي. هذا أصلا ان استطعت مقاومة دموعها و تهدج صوتها حين تخبرك أنها بحاجة إليك و إلى التحدث إليك حتى لو كان ذلك في منتصف الليل أو أثناء موعد عمل هام أو أثناء الوقت المخصص للأسرة. و كونك أفضل صديق لامرأة ما قد يعني كذلك أن حياتك الخاصة مثل حقل ألغام قابل للاشتعال في أية لحظة جنون من تلك المرأة، فإحساسها بأن حياتك الخاصة قد تقف حائلا أمام أداءك لدورك كأفضل صديق لها قد (يضطرها) أحيانا إلى تهديد حياتك الخاصة بمشاكل لا يمكن لعقل بسيط التكوين كعقل الرجل أن يتفهمه أو أن يتنبأ به.
أما حين تسير الأمور على ما يرام في حياة تلك المرأة فلا تظن مستندا إلى المنطق العقلي المعتاد للعقل الذكوري المحدود أن حياتك سوف تكون أيسر أو أكثر راحة. فعدم اهتمامك بأسباب السعادة الحالية هو ضرب من ضروب اللامبالاة التي تتناقض مع دورك كأفضل صديق. أما ما هو أخطر من ذلك فهو إظهار اهتمامك بتلك السعادة. ففي مثل هذا الموقف قد تتعرض لتلقي رسائل مفادها أنك تتعدى حدود دورك كأفضل صديق و أن في اهتمامك الزائد ما يكشف غيرة ما قد تهدد علاقة الصداقة!!!
أما أخطر مشكلات كونك أفضل صديق لامراة ما فهو انك قد تكون عرضة لنوبات متفرقة من الانجذاب العاطفي سواء كان ذلك من جهتك أو من جهتها او كان الانجذاب متبادلا. أخطر ما في الأمر هو أن تلك النوبات إن كانت من جهتك أنت فلا يحق لك التعبير عنها (حتى لوكان ذلك واضحا جليا) أما إن كانت نوبة الانجذاب مصدرها المرأة فلا يمكن لك الركون إلى أن أي رد فعل إيجابي كان أو سلبي هو رد الفعل المناسب (هذا إذا حيدنا مبدأيا دور أية أطراف خارجية أو أي إحساس بتأنيب الضمير تجاه أطراف خارجية).
و تمتد خطورة مثل تلك النوبات العاطفية في الأوقات التي تأتي بين نوبتين فحينها قد تكون أنت كرجل مصممة مشاعره على الوضوح قد هيأت نفسك لحالة ما كأمر واقع ثم تفاجأ بتغير في الخطة و هنا ينبغي أن تتخذ تكتيكا جديدا مغاير. الأمر إذا يشبه حالة الاستنفار المستمرة فلا ينبغي أن تركن إلي حالة الانجذاب كأساس للعلاقة و لا ينبغي كذلك أن تسلم يأن كل شيء تحت السيطرة و أن العلاقة هي صداقة خالصة.
أن تكون أفضل صديق لامرأة لا يبدو إذن كأمر يستحق الثناء لكنه أمر يحدث لنا نحن الرجال لأننا نسعد بكل ذلك