Sonntag, 28. Dezember 2008

فن الهمبكة وفنون أخرى



على خلفية أحداث اجتياح غزة تكلم الجميع فشتم من شتم و مدح من مدح و نعى وشكر وهجا وبكى وشمت.. لن أضيف كثيرًا لو تكلمت عن الأسباب والتداعيات للأحداث.. لكني أود فقط أن اتحدث عن فن الهمبكة في الثقافة العربية.
لكن الأمر بدا لي وكأنه حدث سعيد للجميع..باستثناء مصر.
فإسرائيل تحقق أهدافها اي ما كانت. وحماس تغتنم الفرصة لاكتساب جاذبية كمنظمة مناضلة مرة أخرى بعد أن كانت قد فقدتها وفقدت معها مصداقيتها في الآونة الأخيرة بل وفقدت تعاطف الكثيرين من العرب والفلسطينيين الذين رأوا في عهد حماس الحصار والتجويع والانشقاق. أما فتح فقد وجدت كذلك الفرصة لإثبات سوء اختيار الشعب الفلسطيني في الانتخابات الأخيرة لحماس كحكومة. وبدا الأمر كله من وجهة نظر فتح مسئولية الصلف والعنجهية وافتقار حماس إلى الحنكة السياسية. لم تكن فتح لتجد أفضل من هذه الأحداث كدعاية انتخابية للانتخابات القادمة.
أما دول مثل سوريا واليمن والسودان وليبيا التي أدمنت واحترفت جميعها فن الهمبكة منذ عقود فقد وجدت الفرصة في أحداث غزة لممارسة المزيد من الهمبكة.. فهي فرصة لإثبات عمالة وخيانة غيرها من الدول وإثبات أنهم هم فقط المناضلين في الأمة العربية... فليس أسهل من ضرب النار في الهواء في أحد الأفراح لكي يشعر المرء أنه محارب عظيم!!!
أما الأردن والسعودية وربما الكويت فقد حرصوا على إمساك العصا من المنتصف.. فهم في صف المناضلين من الدول العربية وضد الصمت والتواطؤ العربي بينما يصعب عليهم الهمبكة المباشرة لأنها ستظهرهما بشكل مريب فيما يتعلق بعلاقتهم سواء بمصر أو أمريكا أو حتى إسرائيل.
أما دول المغرب العربي فقد كانت واضحة فالأنظمة هناك امتنعت عن أخذ مواقف متطرفة لكنها سمحت لشعوبها بالتنفيث،،، وهم فيما يبدو قد اعتادوا مشاهدة أخبار المشرق العربي في الفضائيات والتعاطف معها.
بقيت قطر... لدي شعور قوي منذ فترة طويلة بأن هناك ترتيبًا دوليًا يجري منذ فترة لقلب موازين القوة في العالم العربي. فقطر تطمح إلى نيل لقب قلب الأمة النابض وحضن العرب وكل هذه القائمة من الألقاب التي اعتاد العرب منذ عقود طويلة دغدغة مشاعر المصريين بها. فستصبح قطر يومًا ما هي محرك النضال العربي وأم العرب الشقيقة الكبرى إلخ. ولا يمكن لقطر تحقيق ذلك بدون مساعدة قوى دولية كأمريكا وأوروبا، فباتت منذ فترة غير قصيرة كل محاولا ت قطر في الوساطة لحل النزاعات مباركة من هذه القوى... وأصبحت قطر وجهة رئيسية لمؤتمرات دولية واتفاقيات صلح ووساطة وغيرها. ولذلك لا أستبعد بالمرة إمكانية الربط بين زيارة تسيبي ليفني لمصر عشية ضرب غزة وبين تحركات قطر المحمومة لنجدة الفلسطينيين وإظهار الموقف المصري بشكل سيء. فمن ناحية استطاعت إسرائيل وربما بتخطيط مشترك مع أمريكا وببعض الخيال رما قطر.. استطاعت أن تظهر النظام المصري كأنه عميل ومتواطئ بينا أسهم تحرك قطر الحماسي والسريع بعد بدء الغزوات في إيجاد البديل العربي الاستراتيجي لمصر. فقطر استطاعت بذلك وبمساعدة الزيارة الماكرة لليفني من اصطياد عصفورين بحجر واحد.. توجيه ضربة قاضية لمصر كدولة محورية من جهة والقيام بهذا الدور من جهة أخرى. فباتت قطر الدولة الوحيدة في المنطقة التي باستطاعتها التأثير العاطفي في العرب دون أن تفقد علاقتها المتميزة مع أمريكا و إسرائيل.

ملاحظات...
1. حين أتحدث عن دول أقصد الأنظمة وليس الشعوب
2. أستبعدت نظرية عمالة النظام المصري ليس لأني مصري ولا لخوفي من النظام بل لأنه ليس هناك عميل غبي لدرجة أن يكشف نفسه بالشكل الذي تريد حماس تصوير النظام المصري به، فالعميل كان يجدر به إخفاء صلته ومعرفته بأمر الضربات.

Mittwoch, 3. Dezember 2008

أنا غلطان



تذكرت مشهد من فيلم لعادل إمام يقف فيه عادل إمام خلف يسرا في الأتوبيس المزدحم ويتصور أحد الركاب أنه يتحرش بها جاهلاً أنها زوجته، فتأخذه النخوة وينهر عادل إمام ثم يفاجأ برد فعل يسرا التي توبخ الرجل وتتساءل عما اقترفه عادل إمام الذي يقف بأدبه، فما يكون من الرجل إلا أن يشد في شعره من الغيظ والدهشة صارخًا: أنا غلطان.. أنا غلطان.

هذا تمامًا ما حدث لي مؤخرًا. فقد تقمصت أنا شخصية الراكب الغيور، الذي يجهل بواطن الأمور.

أما الشرطة فقد أثبتت أنها رشيدة حكيمة تعلم الصالح لهذا الشعب، وما كان عدم اهتمامها بمشاجرة بين بعض البلطجية تقاعسًا، بل كان إدراكًا من هذا الجهاز الحكيم بأبعاد الموقف، وإيمانًا منه بأن مصارين البطن بتتعارك، وهكذا أعطت الحكومة ممثلة في الشرطة مثلاً يحتذى به في النأي بالذات عن أن يدخل الإنسان بين البصلة وقشرتها.

للأسف لم أدرك ذلك إلا مؤخرًا حيث نما إلى علمي (توافقًا مع المصطلحات الأمنية) من مصادر رفيعة المستوى في القهوة التي شهدت منذ قرابة الأسبوعين الحادثة الذكورة، أنه تمت رؤية الجناة بصحبة المجني عليه في جلسة ودية سادها جو من الألفة و العتاب المعتاد بين الأصدقاء. وعادت المياه إلى مجاريها وسعد الجميع وعاشوا في تبات و نبات وخلف من عاش منهم بدون طعنات بلطجية صغيرين وبلطجيات.

وبما ان الاعتراف بالجهل والخطأ فضيلة فأعترف أني غلطان في حق البلطجية والشرطة على السواء.